قصة نجاح: داليا كالوتي. معهد ادوارد سعيد الوطني للموسيقى – فرع القدس
قصة نجاح
يلتمس كل شخص هواية والهواية تصبح هي الهدف والمسعى الذي يتطلب التضحية والسهر. فعند الحديث عن قصة نجاح ، فإنَّ المغزى هو المثابرة والتضحية والتعب . فالنجاح في مضمونه هو مشواراو اقرب ما يكون الى طريق محفوف في التضحيات. وعندما يصل يكون الوصول هو الوجهة المنتظرة.
هنا بدأت رحلتي الموسيقية الفنيّة ، عندما كنتُ في السابعة من عمري ، توجهت الى معهد ادوارد سعيد في القدس لأتعلم الموسيقى. كان ذلك من تشجيع امي حيث تقول دائما " انَّ الموسيقى دائما ما تكون لغة تعبيرية ثانية للإنسان". فعندها بدأت بتعلّم العزف على آلة البيانو لمدّة سنتين لكنني لم اشعر بالتّقدم الملحوظ بالعزف على هذه الآلة ، لذا قررت ان اتعلَّم العزف على آلة التشيلو لأنها جذبت انتباهي . فعندما بدأت بالعزف عليها حيث واجهتني مشكلة وهي أن أصابعي لم تكن بالحجم المطلوب للعزف على آلة التشيلو فلم اكمل .
في السنتين التاليتين لم أستطع إكمال تعليمي للموسيقى بسبب عدّة ظروف ، لكن هذه الظروف لم توقفني عن إكمال مسيرتي الموسيقية ، فعندما قررت الرجوع الى المعهد اخترتُ آلة الكمان وتعلمت العزف عليها لمدة سنةٍ كاملة، لكن أيضا لم اكمل تعلم العزف عليها، ثم قررت ان اتوجه لآلةٍ نفخية وهي الكلارينيت، بحيث مضيت عدة أسابيع بالتعلم عليها ولكن صعوبة الآلة بالنسبة لي جعلتني افقد اهتمامي فيها.
بالرغم من انني تعلمت العزف على آلات عديدة لكن لم يجذبني ايٌ منها، ولكن لم أقف عند ذلك الحد. فهُنا قررت ان انتقل الي آلة شرقية مغايرة عن الآلات السابقة وهي آلة القانون. عندما بدأت بالعزف عليها أخذت شئ من داخلي وأخرجته بإبداعي بالعزف عليها. كانت وما زالت هي أفضل آلة عزفت على أوتارها فأخرجت ألحاناً سحرية من داخلها وكأن هذه الألحان تعبر عن الذي بداخلي من حزن ومن فرح في اَي مكان وزمان.
بسبب انجازي السريع للمستوى التحضيري، جمعت ما بين المستوى الاول والتحضيري معا في سنة واحدة وايضاً نصح استاذي امي بأن اشتري الآلة واتدرب عليها دائما وهذا زاد من ثقتي بنفسي اكثر. كنت بسن الثانية عشر عندما قالت لي معلمتي في المدرسة ان ابدأ بعزف مقطوعات لا اعرفها من قبل لكي يتحسن مستواي أكثر وأكثر بالعزف. وفعلا بدأت ان أتمرن في المدرسة وفِي المعهد . وبعد شهران أو اقل بدأت العزف في عروضات موسيقية في المدرسة وفِي المعهد . لا أنكر انها واجهتني كثيرا من الصعوبات في تقنية العزف على الآلة ، لكن سرعان ما استمريت بالتدريب ، ولم يقف في وجهي أي عائق بل تشجعت اكثر من قبل وبالتأكيد كان حبي للآلة و تشجيع وتحفيز عائلتي وأستاذي في المعهد ( خليل خوري) ومعلمتي في المدرسة ( مريم يونان) هما السبب والدعم الأكبر في تنمية موهبتي وإكمالها.
بعد السنة الثانية كنتُ قد انهيت ثلاثة مستويات، فعرضت علي معلمتي بأن اشترك بأكبر مسابقة موسيقية ألمانية عالمية اسمها "يوجند موزيتسيرت"التي تنظمها مدرستي كلية شميدت مع الدول الأوروبية والآسيوية التي تضم مدارس ألمانية فيها. بالبداية كنت خائفة جدّا لكن تشجيع جميع من حولي كسر الخوف في داخلي، فالتحقت بالمسابقة وحصلت على المرتبة الأولى على مدرستين وهم طليطا كومي و كلية شميدت في القدس، وانتقلت للمرحلة الثانية في القاهرة -مصر وحصلت على المرتبة الثانية لفئة الموسيقى الشرقية . اما في السنة التالية أيضا التحقت بالمسابقة وحصلت على المرتبة الأولى وانتقلت للمرحلة الثانية بالإسكندرية-مصر وحصلت على المرتبة الثانية في فئة الموسيقى الشرقية وفي المرة الثالثة استطعت أيضا ان احصد المرتبة الأولى وانتقلت الى المرحلة الثانية في اسطنبول -تركيا وايضاً حصدت المرتبة الأولى على فئة الموسيقى الشرقية ودعوني اللجنة المسؤولة الى الذهاب لألمانيا لكي أشارك في مهرجان كبير يتم تنظيمه كل عام.
بالإضافة الى ما ذكر، مشاركتي بالعديد من المهرجانات الموسيقية في القدس وضواحيها، ومشاركتي في مناسبة كبيرة نظمتها شركة البترول العالمية أوبيك في ڤينا-النمسا ومقابلتي لعدد كبير من السفراء والوزراء من حول العالم. والتحاقي بأكثر من فرقة وأولهم فرقة "بنات القدس" الذي يُديرها الأستاذ سهيل خوري ومشاركتي بأكثر من مهرجان معهم. كذلك تنظيمي انا وأصدقائي اكثر من فرقة كفرقة نرد ومع المعهد كالتخت الشرقي وغيرها. وتنظيمي انا وثلاثة من زملائي فرقة رباعي جديدة وانضمامي مرتين لمشروع الملحن الصغير وتلحين ثلاثة مقطوعات بإسمي وعمل ثلاثة افلام وثائقية عن انجازاتي مع اكثر من مؤسسة.
هكذا هي رحلتي . مرّ الكثير وتبقى القليل على ان أحصل على شهادة "تخصص في آلة القانون" وابدأ مرحلة ثانية جديدة مليئة بالإنجازات والتضحيات ..
كما يقولون فإن الموسيقى هي غذاء الروح .. فإني دائما احتاج الى غذاء يعطي لروحي حياة مفعمة بالسعادة والهدوء والإستقرار.. لأن الموسيقى بالنسبة لي هي كل شيئ فعندما لا أستطيع ان اعبر بكلماتي اتجه للموسيقى فكل وترٍ اعزف عليه يسرد قصة عني وكل نغمة اعزف عليها تحكي كلَّ كلامي.