برنامج الموسيقى المجتمعي
عملاً نحو تحقيق رؤيته التي تقضي بإيصال الموسيقى والثقافة الموسيقية إلى كل بيت فلسطيني، أسس المعهد برنامجاً مجتمعياً يقدم التعليم والأنشطة والعروض الموسيقية إلى فئات مجتمعية في أماكن مهمشة أو بعيدة عن الفعاليات الثقافية والموسيقية، أو المجتمعات التي يصعب عليها الوصول إلى الموسيقى بسبب عوائق اقتصادية أو اجتماعية. وقد تطور البرنامج على مدار سنوات منذ تأسيس المعهد ووصل مدناً وأحياء مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وما زال البرنامج يطور شكله وأساليبه من أجل ضمان إيصال تجربة موسيقية ناجحة تنسج علاقات مجتمعية بنّاءة ومفيدة ومستدامة. وقد نجح البرنامج على مدار السنوات السابقة في استقطاب مواهب شابة تخرجت من المعهد بكفاءة وإنجازات، وهو ما يفخر به المعهد ويحرص على استدامته وتطويره.
وبدأ البرنامج المجتمعي عام 1996 باسم "برنامج التعليم الخارجي" من أجل الوصول إلى أوسع شريحة في المجتمع الفلسطيني، وتمكين الأطفال الأقل حظاً من تعلم الموسيقى بإحضارها إليهم\ن في بيئتهم\ن، وتوفير الآلات الموسيقية اللازمة مجاناً للتعلم ضمن أنشطة موسيقية جماعية وفردية. وحصلت أولى نشاطات البرنامج مع وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين - الأونروا التي لا تقدم تربية موسيقية في مدارسها. ثم انتشر إلى مدارس أخرى حكومية وخاصة ومن ثم امتد ليشمل مؤسسات قاعدية ومراكز مجتمعية وبلديات، حيث أسس المعهد شبكة من المؤسسات والعلاقات المجتمعية بهدف الوصول إلى الأطفال والشباب وتعليم الموسيقى للمهتمين\ات.
وقد تعددت أشكال تعليم الموسيقى وترويجها ضمن شبكة العلاقات التي نسجها المعهد، وفي عام 2018 صيغت استراتيجية عمل البرنامج للأعوام الخمسة المقبلة واعتماد البرنامج الموسيقي المجتمعي برنامجا يشمل العروض المجتمعية والورشات التعليمية المختلفة مع ضمان تطوير المنهجية التعليمية المعتمدة بالاعتماد على سنوات الخبرة التي اكتسبها طاقم عمل المعهد.
وفي عام 2021 وبعد محاولات جادة، استطاع المعهد البدء بخطواته الأولى نحو تطوير برنامج التعليم المجتمعي ليمزج ويحدّث أساليبه مع منهجية تعليمية اكتسبت شهرة واسعة في مجال التعليم الموسيقي عالمياً وهي نظام تعليم الموسيقى الفنزويلي والمعروف باسم "السيستيما". ويهدف البرنامج إلى تعليم الموسيقى في المجتمعات المهمشة بالاعتماد على التعليم الجماعي وفي قالب أوركسترا وهذا ليستقطب أكبر عدد ممكن من الطلبة أو الأطفال والشباب. وعلى غرار وبنفس الوقت على عكس برنامج السيستيما، يعتمد برنامج التعليم المجتمعي التعليم ضمن أوركسترا ولكن بألحان عربية وشعبية وتراثية وذلك للبناء على الموروث الثقافي المحلي وتطويره والترويج له وإبقائه حياً.
وفي هذه الحالة تكون الأوركسترا فرقة عربية تعتمد تناغم الأصوات بالمنطق الغربي ولكن تشمل الآلات العربية والآلات الغربية الوترية والمعتمدة في الموسيقى العربية والشرقية. واستفاد البرنامج من التجارب الصوتية والخبرة التي اكتسبها في مشروع الأوركسترا العربية ليدعم بذلك تطور أنوية الأوركسترات الصغيرة التي ستنطلق ضمن برنامج الموسيقى المجتمعي. وقد نتج عن هذا البرنامج في عمله في مخيم الدهيشة للاجئين حقيبة تعليمية بسيطة تشمل نوتات وتوزيعات موسيقية مختلفة للأطفال والمبتدئين\ات ليتمكن الجميع من استنساخ التجربة الموسيقية في مناطق أخرى.
ويأمل البرنامج المجتمعي أن يصبح نموذجاً تعليمياً ناجحاً في تعميم الموسيقى بشكل شعبي وتصبح الموسيقى وسيلة تعبير متوفرة وغير محتكرة على نخبة. وقد نجح البرنامج على مدار السنوات بالإضافة إلى عمل المعهد على تعميم الموسيقى على نطاق أوسع، وظهرت نتائج ذلك في ازدهار الساحة الموسيقية وبزوغ معاهد ومراكز موسيقية مختلفة أسسها طلاب المعهد ومن تعاملوا مع فعاليات وأنشطة المعهد الموسيقية. ويفخر المعهد باستمرارية عمله الموسيقي ويأمل من خلال هذا البرنامج تعميم انتشار الموسيقى بشكل شعبي أكثر وتحفيز التآزر والتعاضد والتعافي المجتمعي من خلال الموسيقى كأداة ثقافية تعزز الهوية الوطنية وتنهض بها.